Global Statistics

​​بحث​ ​جديد​ ​يكشف​ ​ضعف​ ​الأنظمة​ ​القانونية​ ​في​ ​الدول​ ​العربية​ ​في​ ​حماية​ ​الناجيات​ ​من​ ​الاغتصاب​

Equality Now

كشفت منظمة Equality Now (https://EqualityNow.org)، في تحليل قانوني جديد، كيف أن الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لا تضع تعريفًا كافيًا لجريمة الاغتصاب، ولا تقوم بالملاحقة القضائية أو المعالجة الكافية لجريمة الاغتصاب، ما يترك النساء والفتيات دون حماية قانونية حقيقية. وتدعو المنظمة الحكومات إلى إجراء إصلاحات قانونية عاجلة وشاملة، إلى جانب الاستثمار في تنفيذ هذه القوانين لتعزيز المنظومة القانونية وضمان وصول الناجيات من جرائم الاغتصاب إلى العدالة والدعم اللازم. 

تُحدّد منظمة “Equality Now” في تقريرها “البحث عن العدالة”: قوانين الاغتصاب في الدول العربية، كيف أن القوانين الجنائية التمييزية وضعف تنفيذ القوانين يساهمان في لوم الضحايا، وترسيخ الصور النمطية الضارة، وتمكين الجناة من الإفلات من العقاب. 

ومن جانبها قالت د. ديما دبوس، ممثلة منظمة Equality Now في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “إن الوصول إلى العدالة يواجه عوائق بسبب متطلبات الإثبات الصارمة  التى ترتكز على تفسيرات قانونية ضيقة لمفهوم الاغتصاب، من بينها اشتراط إثبات استخدام القوة الجسدية.” وأضافت أن العديد من أشكال العنف الجنسي لا تحظى باعتراف قانوني كافٍ، مشيرة إلى أن أياً من دول جامعة الدول العربية لم يُجرّم صراحةً الاغتصاب الزوجي حتى الآن. كما أن بعض الدول لا تزال تسمح للمغتصب بالإفلات من العقاب إذا تزوج من الضحية، رغم أن بعض الدول أغلقت مؤخرًا الثغرات القانونية المعروفة بـ”تزوجي مُغتصبك”. 

“نحثّ الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية على التحرك الفوري. فالقوانين المتعلقة بالعنف الجنسي بحاجة إلى إصلاحات عاجلة وشاملة، تستند إلى مبدأ الرضا، وتصون كرامة الناجيات، وتضمن وجود آليات إنفاذ فعالة.” 

يغطي التقرير جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وعددها 22 دولة: الجزائر، البحرين، جزر القمر، جيبوتي، مصر، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، ليبيا، موريتانيا، المغرب، سلطنة عمان، فلسطين، قطر، السعودية، الصومال، السودان، سوريا، تونس، الإمارات العربية المتحدة، واليمن.  

كما يُقدّم التقرير تقييمًا معمقًا لحالتي مصر ولبنان، مُسلّطًا الضوء على الفجوة الكبيرة بين النصوص القانونية والواقع العملي في أقسام الشرطة وقاعات المحاكم. وغالبًا ما تواجه الناجيات من الاغتصاب التشكيك في أقوالهن، وانتشار ​المفاهيم​ ​الخاطئة​ المرتبطة بالجريمة، إلى جانب عقبات إجرائية تعطل الإبلاغ وتعيق تقدّم القضايا داخل النظام القضائي. 

قوانين الاغتصاب القائمة على القوة لا على الموافقة 

لا تزال معظم دول جامعة الدول العربية تعتمد تعريفات لجريمة الاغتصاب ترتكز على استخدام القوة، دون الاعتراف بأن أي علاقة جنسية تُمارَس دون موافقة حرة وواعية تُعد اغتصابًا. ففي جيبوتي ولبنان وليبيا وفلسطين (الضفة الغربية) والصومال والسودان وسوريا، يُعرف الاغتصاب فقط بأنه الفعل الذي ينطوي على استخدام القوة. 

تُميز بعض دول جامعة الدول العربية بين حالات الاغتصاب التي تحدث عندما يستغل الجناة مواقع السلطة، حيث تُفرض في هذه الحالات غالبًا عقوبات أشد. وهذا يعكس إدراكًا جزئيًا بأن الموافقة الحقيقية لا يمكن أن تُنتزع في ظل الإكراه أو التلاعب أو علاقات القوة غير المتكافئة.  

ومع ذلك،  لم تعتمد أي من دول الجامعة العربية حتى الآن قانونًا يُجسّد بشكل شامل الظروف المتعددة التي يمكن أن يؤدي فيها استغلال موقع ثقة أو تبعية أو هشاشة إلى إلغاء مفهوم الموافقة، كالعلاقات بين المعلمين والطلاب، أو بين أفراد العائلة، أو بين القادة الدينيين وأتباعهم. 

الناجيات من الاغتصاب يواجهن عوائق قانونية وإجرائية 

يُعرّف القانون الدولي الاغتصاب بأنه أي فعل إيلاج جنسي، ولو كان طفيفًا، باستخدام أي جزء من الجسد أو أي أداة، ويُرتكب دون موافقة كاملة وواعية من الضحية.  

في العديد من دول الجامعة، يُصنَّف فقط الإيلاج المهبلي بواسطة القضيب كجريمة اغتصاب، بينما تُدرج باقي أشكال الإيلاج غير الرضائي تحت جرائم أخرى أقل شأنًا، تُعاقب بعقوبات أخف بكثير، ما يُكرّس تسلسلًا هرميًا ضارًا لأشكال العنف الجنسي. 

وغالبًا ما يتوقع من الناجيات الإبلاغ عن الاغتصاب خلال 72 ساعة والخضوع لفحوصات طبية تدخلية. كما يُشترط في الغالب تقديم دليل على المقاومة الجسدية. وفي حال عدم وجود إصابات واضحة أو أدلة جنائية، تُرفض بلاغات الناجيات في كثير من الحالات. 

وتظل ممارسات إنفاذ القوانين ضعيفة وغير منسقة. إذ يؤدي ضعف تدريب كوادر قطاع العدالة، وندرة المساعدات القانونية، وقصور الدعم النفسي والاجتماعي، إلى نشوء أنظمة قضائية لا تصدق الناجيات أو تتعامل معهن ببرود أو عدائية.  

وخلصت دراسة أجرتها منظمة “Equality Now” حول قوانين الاغتصاب في أنحاء العالم أن الوصمة المجتمعية وإلقاء اللوم على الضحايا يغذيان الصمت وإعادة إيذاء الضحايا على مستوى العالم. وفي دول جامعة الدول العربية، تتعرض النساء والفتيات كثيرًا للتجريح والتشكيك بسبب سلوكهن أو مظهرهن أو ماضيهن الجنسي، فيما تجعل الأعراف الاجتماعية المحافظة وتجريم العلاقات الجنسية بالتراضي خارج إطار الزواج مناقشة العنف الجنسي أمرًا بالغ الصعوبة. 

التمييز ضد النساء والفتيات متجذّر في القوانين 

تُولي المجتمعات أهمية بالغة لما يُعرف بـ”عفة” النساء والفتيات، وغالبًا ما يُنظر إلى جريمة الاغتصاب باعتبارها اعتداءً على “الآداب العامة” أو “شرف” الأسرة أو القبيلة، بدلًا من كونها انتهاكًا لحقوق الضحية وسلامتها الجسدية. ويُساهم استخدام مصطلحات قانونية مثل “الاعتداء على الشرف” و”فعل غير لائق” في التركيز على الأخلاق والسمعة، وتعزيز الصور النمطية السلبية. 

في دول مثل الجزائر والعراق ولبنان وسوريا، تتيح بعض القوانين للمغتصب أو الخاطف الإفلات من الملاحقة القضائية في حال تزوّج من ضحيته. ورغم أن جهود المجتمع المدني نجحت في دفع عدد من الدول إلى إلغاء ما يُعرف بقوانين “الزواج من المغتصب”، لا يزال تطبيق الإصلاحات متفاوتًا. وتُجبر بعض الناجيات، خاصة القاصرات، على الزواج من مغتصبهن تحت ضغوط أسرية أو أمنية أو قضائية. 

وبالرغم من أن المعايير القانونية الدولية تُحرّم تزويج الأطفال وتضع 18 عامًا كحدّ أدنى للزواج دون استثناء، فإن العديد من دول جامعة الدول العربية تسمح قانونًا بزواج من هم دون هذا السن، وبعضها يجيز زواج الفتيات في سن التاسعة، أو لا يحدد حدًا أدنى على الإطلاق. وغالبًا ما تُهمل تطبيق القوانين التي تُقيّد تزويج الأطفال  ، ما يساهم في استمرار العنف الجنسي بحق االفتيات  تحت غطاء الزواج. 

ولا يُعد الاغتصاب الزوجي جريمة قانونية في جميع دول جامعة الدول العربية. ففي الأردن وفلسطين (الضفة الغربية) وسوريا، تنص قوانين العقوبات صراحةً على استثناء العلاقة الزوجية من تعريف الاغتصاب. أما الصومال والسودان واليمن فتتجاوز ذلك، إذ تكرّس في قوانينها ما يُعرف بـ’حق’ الزوج في المعاشرة الجنسية، بغضّ النظر عن موافقة الزوجة. 

ورغم وجود قوانين تتناول العنف الأسري في بعض دول جامعة الدول العربية، فإنها غالبًا ما تبقى غير كافية. فبدلًا من الاعتراف بالاغتصاب داخل الزواج، تركز هذه القوانين عادةً على العنف الجسدي المصاحب للعلاقة الجنسية، وتُطبّق عقوبات أخف.  

كما يُفاقم التمييز بين الجنسين في قوانين الأحوال الشخصية، التي تحكم الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال، من صعوبة خروج النساء من علاقات  زوجية عنيفة. إذ تقيد هذه القوانين حقوق المرأة في الحضانة والممتلكات والأمان المالي. ويؤدي تنوّع المرجعيات الدينية والمذهبية والجغرافية في بعض البلدان إلى تفاوت كبير في الحماية القانونية المتاحة للنساء والفتيات داخل البلد الواحد.  

ويُعيق أي إصلاح قانوني جذري وجود شبكة معقدة من العوامل السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية. ويُستشهد بتفسيرات دينية، خاصة المرتبطة بالشريعة الإسلامية، لمعارضة مواءمة القوانين المحلية مع الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). 

ويؤدي انهيار مؤسسات إنفاذ القانون والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية أثناء النزاعات المسلحة إلى تفاقم هشاشة أوضاع النساء والفتيات، ويزيد من تعرضهن للعنف الجنسي. ويزداد هذا الخطر مع التهجير والانفصال الأسري وندرة الملاجئ الآمنة. ونادراً ما يُحاسب الجناة، فيما تُواجه الناجيات عوائق قانونية وإجرائية واجتماعية تحول دون حصولهن على العدالة، حتى بعد انتهاء النزاع. 

مخطط لإصلاح قانون الاغتصاب 

صدّقت معظم دول جامعة الدول العربية على معاهدات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، مما يُلزمها باعتماد أطر قانونية تراعي النوع الاجتماعي وتحمي حقوق النساء. ورغم إحراز بعض التقدم، لا تزال جميع دول الجامعة العربية مقصّرة في الوفاء بالتزاماتها الدولية.  

تحث منظمة Equality Now الحكومات وصنّاع السياسات والعاملين/ات في المجال القانوني والمجتمع المدني على استخدام تقريرها كمرجع لإجراءات ملموسة ومنسّقة. تشمل التوصيات ما يلي: 

  • اعتماد تعريفات للاغتصاب تستند الى غياب الرضا، بما يتماشى مع المعايير الدولية. 
  • ضمان توافق القوانين الوطنية مع معايير حقوق الإنسان الدولية، واعتماد مصطلحات تراعي النوع الاجتماعي. 
  • تجريم الاغتصاب الزوجي بشكل صريح، وإلغاء جميع الأحكام القانونية التي تسمح بالإفلات من العقاب من خلال الزواج. 
  • رفع سن الزواج إلى 18 عامًا دون استثناءات. 
  • ضمان التعامل مع جميع الأفعال الجنسية بدون رضا بشكل متساوٍ وجاد، بغض النظر عن الجنس أو نوع الإيلاج أو الحالة الاجتماعية
  • إلغاء المتطلبات القانونية والإجرائية التي تُعقّد إثبات جريمة الاغتصاب. 
  • الاستثمار في خدمات الرعاية الصحية، والدعم النفسي والاجتماعي، والمساعدة القانونية، وآليات الإبلاغ السرية للعنف القائم على النوع الاجتماعي. 
  • تدريب عناصر إنفاذ القانون، ووكلاء النيابة، والقضاة، والطواقم الطبية على نهج قائم على الحقوق، يُراعي النوع الاجتماعي، ويركّز على الناجيات.  

توزيع APO Group بالنيابة عن Equality Now.

اتصال:
تارا كاري، 
رئيسة قسم الإعلام العالمي في Equality Now،
 على البريد الإلكتروني [email protected]
 أو على رقم الهاتف المحمول +44 (0)7971556340 (متاح عليه واتساب وسيجنال)

وسائل التواصل الاجتماعي:
Bluesky: https://apo-opa.co/4na0yBX
Facebook: https://apo-opa.co/46HUB9o
Instagram: https://apo-opa.co/46zCtxo
LinkedIn: Equality Now (https://apo-opa.co/48ohpw1

عن المنظمة: 
تُعدّ Equality Now (https://EqualityNow.org) منظمة دولية معنية بحقوق الإنسان، تُكرّس جهودها لتحقيق تغييرات قانونية ومنهجية تنهي التمييز ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم. ومنذ تأسيسها عام 1992، أسهمت المنظمة في إصلاح 120 قانونًا تمييزيًا على مستوى العالم، مما ترك أثرًا إيجابيًا في حياة مئات الملايين من النساء والفتيات، وفي مجتمعاتهن ودولهن، للأجيال الحالية والمستقبلية. 

وبالعمل مع شركاء على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، تستند Equality Now إلى خبرة قانونية راسخة، وتستفيد من تنوّع واسع في الرؤى الاجتماعية والثقافية والسياسية، لتقود بفعالية جهود التغيير اللازمة لتحقيق مساواة جندرية مستدامة تعود بالنفع على الجميع.  

لمزيد من المعلومات، يُرجى زيارة www.EqualityNow.org 

Hot Topics

Related Articles